الحزام

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الحزام, اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 01:27 صباحاً

الحزام

نشر بوساطة في البلاد يوم 16 - 04 - 2024

3566410
لقد نسيت أن أربط حزام السيارة وأنا أسير في حي الحمراء في جدة وكان ربط الحزام لا زال في المنطقة الرمادية. ثم إني في وسط المدينة ولست في خط سريع ، غير أن جندي المرور كان قد تلقى تعليمات مشدّدة بالحزم في شدّ الحزام.
ترجل الجندي من دراجته واستدار إلى جانب باب سيارتي الأمامي وقال لي: (ليش ما ربطت الحزام؟) قلت: (نسيته والله.) فقال: (الرخصة والاستمارة.) فبدأت في إخراج الوثيقتين ،وإذا بفتى يافع يظهر من حيث لا أعلم، راكباً دراجة صغيرة، يقول للجندي: (معليش سامحه.) نظر الجندي إليه وقال له:(ما لك صلاح.) أخذ الجندي رخصتي واستمارة سيارتي ودار نحو دراجته النارية ،فخرجت أنا والفتى يسير بعدنا ويكرر كلامه للجندي:( الله يخليك فكه.) رد الجندي: (أقول لك ما لك صلاح.) وأخرج الجندي دفتر المخالفات ووضعه على سيارتي وبحث عن قلم وأثناء ذلك قال الفتى:(امسحها في وجهي معليش.) غضب الجندي وقال: (حل عني.) لكن الفتى اقترب منه حتى يكاد يحضنه. ونظر إليه بعينين بتوسل بهما ويقول: (يعني ما تبغا تكرمني؟) لم يدر الجندي ما ذا يقول. وأخيرا وضع القلم في جيبه وأخذ دفتره وتوجه إلي قائلا: (خلا ص روح ولا تنسى الحزام مرة ثانية.)
لا أعرف هذا المراهق الذي جاء من حيث لا أحتسب. وأشعر بالندم كيف اختفى من المشهد دون أن أتمكن من التعرف إلى ملامح وجهه وأسأله عن اسمه وعنوانه (كان ذلك قبل فشو الجوالات) كي أتمكن من مكافأته بأي نوع من المكافأة. أو حتى أشكره. لكني تعلمت ربط الحزام بلا تلكؤ وعمل المعروف لوجه الله وثالث الدروس استجابة الجندي لرجاء الولد وكان بإمكانه أن يسجنه باعتباره يتدخل فيما لا يعنيه.
لا تفسير لهذه الواقعة سوى أنني خرجت من بيت مبارك هو بيت السيد عبد القادر السقاف، وتذكرت قصة رواها لنا هذا العلامة عن والده الحبيب أحمد. قال: كان والدي قد دعاه رجل من سيون بحضرموت لتناول طعام الغداء، وعندما جلس الضيوف على المائدة سمعوا صائحا يقول: حريق! فقام صاحب البيت مضطرباً. فقال له الحبيب أحمد: اجلس. هل يعقل يا باعوض أن يشتعل حريق في بيتك ونحن ضيوف عندك؟ ذلك ما لا يكون. وفعلاً جلسوا وأكلوا وكأن شيئا لم يكن.
لا أشك أن حكايتي هذه من نفس الوادي الذي جرت فيه قصة الحريق في بيت باعوض. ولا أشك أن فينا ومعنا إلى عصرنا هذا من تسوق الأقدار لهم العطايا من حيث لا يشعرون. لكن لا بد من أن نعي الدروس البديهية: نجدة الملهوف وفعل المعروف والتوكل على الله وصلة الأرحام والقيام بالطاعات في أشهر العام كلها لا في رمضان وحده.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.




أخبار ذات صلة

0 تعليق