درس من جامايكا في خفض الدين الحكومي

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
درس من جامايكا في خفض الدين الحكومي, اليوم الخميس 11 أبريل 2024 11:12 صباحاً

التاريخ: 11 أبريل 2024

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد مسألة كيفية التخلص من الديون الحكومية معضلة قديمة. ونظراً لارتفاع أسعار الفائدة وضعف النمو، فإن الحلول باتت غير مستساغة. ومع ذلك تدرس ورقة عمل جديدة الحالة الاستثنائية لجامايكا، حيث تمكنت من خفض نسبة الدين الحكومي إلى إجمالي الناتج المحلي بمقدار النصف من 144 % بين عامي 2012 و2023. فماذا يمكن أن يتعلم الآخرون من ذلك؟

الجواب البديهي هو: ليس هناك الكثير لتعلمه. ونظراً لأن صناع السياسات الأمريكيين يتجنبون التعامل مع الوضع المالي، فمن غير المرجح أخذ المشورة من بلد معرض للأعاصير، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد فيه نحو 6 آلاف دولار سنوياً، وعدد سكانها أقل من سكان ويلز، وتتمحور صادراتها حول السياحة وأكسيد الألمنيوم.

لكن عند النظر عن قرب، ثمة دروس يمكن استخلاصها. أحدها هو ببساطة أن تدابير التقشف التقليدية ممكنة. وتميل الدول الفقيرة إلى الاعتماد على مزيج من النمو والتضخم؛ لتقليص نسبة ديونها الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي. إلا أن جامايكا حققت ذلك من خلال الحفاظ على استدامة الفوائض الأولية (زيادة الإيرادات عن الإنفاق، باستثناء مدفوعات فوائد الديون).

ويجب التأكيد على مدى شدة هذا الأمر. فخلال العقد الأول من القرن الـ 21، احتجت اليونان ضد الشروط القاسية التي فرضها ترويكا الجهات الدائنة الدولية – صندوق النقد الدولي، البنك المركزي الأوروبي، والمفوضية الأوروبية، وتمكّنت أخيراً من تحقيق فائض أولي بلغ نحو 4 % من الناتج المحلي الإجمالي. وعقب الاتفاق على برنامج صندوق النقد الدولي في عام 2013، تجاوز فائض جامايكا 7 % من الناتج المحلي الإجمالي لمدة 7 سنوات متتالية.

كيف حققوا ذلك؟ ربما بسبب الظروف. ففي البداية، بدا مسار جامايكا مستبعداً جداً. وخلال عام 2012، كانت سمعة سوء الإدارة المالية تعني أن الحكومة في حالة ميئوس منها، فكانت معزولة عن الأسواق العالمية، وواجهت تجاهلاً من صندوق النقد الدولي. إلا أن بعض الفضل يرجع إلى القيادة القوية؛ وفقاً لبيتر بلير هنري من جامعة ستانفورد، وأحد مؤلفي دراسة حالة عن جامايكا.

وفي الدراسة، اكتشف المؤلفان المشاركان مع هنري، سيركان أرسلانالب من صندوق النقد الدولي وباري آيتشنجرين من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، دلائل تشير إلى درس أكثر شمولاً.

الحكومات المنقسمة تُقلل احتمالات تحقيق الفوائض الأولية، وعلى الأرجح تدفع الساسة إلى مزيد من الجدل حيال من يجب أن يتحمل عبء خفض الإنفاق أو الزيادات الضريبية.

وفي حالة جامايكا، يزعم الخبراء أن «تقليد بناء التوافق الذي تحقق بشق الأنفس» كان العنصر الرئيس «للشعور بالتقاسم العادل للأعباء». ووافق دائنو الحكومة على تحمل الخسائر، بينما قبل العاملون في القطاع العام استمرار فرض قيود على الأجور.

وكانت القواعد المالية هي السرّ الآخر المفترض لبراعة جامايكا في خفض الديون. وهذه القواعد كانت شفافة بما يكفي لمحاسبة صانعي السياسات، لكن إدراج بند الإعفاء في حالة وقوع كارثة جعلت القواعد أكثر مصداقية. كما أنّ الالتزام فعلياً يتطلب التوافق. ويعتقد مؤلفو الدراسة أن أياً منهما لم يكن لينجح من دون الآخر.

وليت السياسيون البريطانيون أن ينتبهوا: ففي جامايكا، لم يتمكن صنّاع السياسات من التسوية المالية عن طريق وعود بتوفير مدخرات غير محددة في المستقبل البعيد. ولا يسعني إلا أن أتخيل كيف كانت ستكون السياسة المالية البريطانية في مطلع الألفية الجديدة إذا لم يكن واضعوها قلقين إلى حدّ كبير حيال استخدامها كأداة لإلحاق الضرر بالمعارضة.

ولكن هنا في عالم الواقع، يُعدّ نقل هذه الدروس إلى أماكن أخرى تحدياً. وبينما يحرص صندوق النقد الدولي على أن يتبع الآخرون حذو جامايكا، فإنه يجد أن تكراره قد يكون صعباً. ولعل جامايكا تمثل أحد الاستثناءات القليلة التي تؤكد هذه القاعدة، والتي تقول إن هذا النوع من خفض الديون أمر بالغ الصعوبة.

وآمل أن يصبح الدرس الأخير أكثر وضوحاً. فربما كان مسار جامايكا ممكناً، لكن هل كان مرغوباً؟ بالتأكيد، لم يكن لديها خيارات سهلة. ففي الآونة الأخيرة، ثمّة علامات على أن جهودها آتت ثمارها. ويسلّط جويديب موخيرجي لدى وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز، الضوء على أن الحكومة استعادت القدرة على الوصول إلى الأسواق المالية، ما سمح لها بإعادة هيكلة ديونها. حتى إنها أصدرت في أكتوبر الماضي سندات دولية مقوّمة بعملتها الخاصة.

وخلال العقد الأول من القرن الـ 21، انخفضت معدلات البطالة. وعلى الرغم من تراجع تقلبات النمو في جامايكا، إلا أنه كان بطيئاً كذلك. وأدّت القيود المالية الصارمة إلى كبح الإنفاق على البنية التحتية. ويقول آيتشنجرين: «ليس لدينا فهم واضح عما إذا ضبط الأوضاع المالية أقل بقليل، في حالة تخصيص تمويل إضافي لمجالات مثل التعليم أو الإنفاق على الرعاية الصحية، سيكون مفيداً بالقدر نفسه أو أفضل». وبالتالي، ثمّة مجال لمزيد من التعلم.

تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز

كلمات دالة:
Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

أخبار ذات صلة

0 تعليق